من القصص الفريدة التي يجب أن تروى عن تعليم وتعويد الأولاد على القراءة، وفهمهم لأهمية القراءة في صناعة الأفكار، وبناء الإنسان، تلك القصة الفريدة التي ذكرها إمام الدعاة المعاصرين، وأحد أبرز المفسرين المبدعين، الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله.
جرت القصة معه عندما قرر والده أن يسجله في الأزهر الشريف ليكون من العلماء، ولكن الشعراوي كان يحب أن يبقى في قريته مع إخوته واترابه، وأن يعمل معهم في الزراعة.
حاول الشعراوي أن يثني والده عن ذلك ولكنه لم يستطع، فظن أنه إذا غالى في تكلفة الالتحاق بالأزهر، سيشعر والده بالإرهاق المالي ويعرض عن إلحاق ولده بالأزهر!
وحدث أن زاره والده في القاهرة في أول التحاقه بالأزهر، فطلب من والده أن يشتري له مجموعات كبيرة من أمهات الكتب في التراث واللغة، وعلوم القرآن الكريم والتفاسير، وكتب الحديث النبوي الشريف، والفقه والأصول، وهو يوهم والده أن هذه الكتب مطلوبة منه في الدراسة، حتى يرضى والده بعودته إلى القرية.
واشترى الوالد تلك الكتب كلها، واستأجر عربة لنقلها لبيت ولده.
ثم خاطبه قائلًا له:
(أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، وأنك أردت أن تثقل علي حتى أعود عن قراري بالتحاقك في الأزهر، ولكني آثرت شراءها لتزويدك، ولتبقى عندك مكتبة عامرة بكل ما يمكن أن تحتاجه من الكتب والمراجع، وكي تنهل منها العلم).
وكان الأمر كما أراد ذلك الوالد الحكيم، وبقيت تلك المكتبة نبعا فياضا يأخذ منه الشعراوي وينهل، ويفيض منه على الناس جميعا.
هكذا صنع متولي الشعراوي ابنه محمد، وهكذا حببه بالقراءة!
(اللهم بارك لنا في شامنا).